ما التالي لأسعار النفط في النصف الثاني من عام 2023؟
يمكن أن تنتعش أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2023 وسط تخفيضات الإمدادات الأخيرة من أوبك بلس وزيادة الطلب من الصين في ظل تعافي الاقتصاد الصيني من عمليات إغلاق كوفيد 19.
خفضت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها مستويات الإنتاج بنحو 3.66 مليون برميل منذ نوفمبر 2022 في محاولة لدعم الأسعار، مع بدء تنفيذ أحدث جولة من التخفيضات في يوليو، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية في وقت سابق شهر يونيو عن تخفيضات الإنتاج الخاصة بها والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ شهر يوليو.
وفي الوقت نفسه، ترفع الصين القيود الأخيرة المرتبطة بسياستها الصارمة الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا والتي أغلقت أجزاء كبيرة من اقتصادها في العام الماضي، وتعتبر الصين هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وقد يؤدي انتعاش الطلب من ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى ضغط تصاعدي على أسعار النفط خاصة في النصف الثاني من عام 2023.
وكالة الطاقة الدولية تتوقع تشديد سوق النفط في النصف الثاني من العام برغم مخاوف الركود
تقول وكالة الطاقة الدولية إن الصين ستشكل نحو 60% من نمو الطلب العالمي هذا العام، وقد خسر خام برنت (وهو المعيار القياسي لثلثي النفط العالمي) أكثر من 12% من قيمته هذا العام بسبب المخاوف حيال الطلب العالمي والأزمة المصرفية في الولايات المتحدة والتي هزت الأسواق المالية العالمية.
كما قامت وكالة الطاقة الدولية برفع تقديراتها لمعدلات الطلب العالمى على النفط لعام 2023 مرة أخرى، وقالت إن التشاؤم الحالي في السوق يتناقض بشكل صارخ مع توقعات الوكالة بشأن سوق أكثر صرامة في النصف الثاني من العام.
وتتوقع الوكالة الآن أن يزداد الاستثمار في النفط وارتفاع الطلب العالمى على الخام بنحو 2.2 مليون برميل يوميا في 2023، بزيادة 200 ألف برميل يوميا عن توقعات شهر أبريل، وقالت الوكالة في التقرير الشهرى لها “تعرضت الأسعار لضغوط منخفضة بسبب النشاط الصناعي الخافت وأسعار الفائدة المرتفعة، والتي أدت مجتمعة إلى اكتساب سيناريوهات الركود زخمًا ومخاوف من حدوث تحول هبوطي في نمو الطلب على النفط”.
وقالت الوكالة التي تتوقع أن يتجاوز الطلب على الخام المعروض بمقدار مليوني برميل يوميا في النصف الثاني من العام الجاري، وأضافت أن تعافي الطلب في الصين التي تعد أكبر مستورد للخام في العالم تجاوز التقديرات، حيث وصل إلى مستوى قياسي بلغ 16 مليون برميل يوميا في شهر مارس الماضي، وأضافت وقالت أن الصين التي أعادت فتح اقتصادها في وقت سابق من هذا العام ستشكل حوالي 60% من نمو الطلب العالمي في عام 2023.
وفي غضون ذلك، ذكرت الوكالة إن الصادرات النفطية من روسيا بلغت 8.3 مليون برميل يوميا في أبريل وهو أعلى مستوى منذ غزو موسكو لأوكرانيا في العام الماضي، وبحسب تقديرات الوكالة لم تقدم موسكو بالكامل خفض الإمدادات المعلن عنه البالغة 500 ألف برميل في اليوم، في الواقع ربما تعمل روسيا على زيادة الأحجام لتعويض الإيرادات المفقودة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن عائدات تصدير النفط لروسيا ارتفعت من 1.7 مليار دولار إلى 15 مليار دولار في أبريل لكنها انخفضت بنسبة 27%عن العام السابق، وقالت الوكالة إنه من أبريل حتى ديسمبر من المقرر أن تنخفض إمدادات أوبك بلس بمقدار 850 ألف برميل يوميا مع فرض المجموعة تخفيضات إضافية للإمدادات.
للعام بأكمله، من المتوقع أن يرتفع المعروض العالمي من النفط الخام بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل.
في شهر أبريل أعلن أعضاء أوبك بلس بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات والعراق والكويت والجزائر وسلطنة عمان عن خفض طوعي لمستويات الإنتاج بنحو 1.16 مليون برميل يوميا، وقال المنتجون في ذلك الوقت إن التخفيضات التي ستبدأ من مايو حتى نهاية العام تهدف إلى ضمان استقرار سوق النفط.
وعلى الرغم من الاضطرابات الكبيرة من جانب المعروض بما في ذلك اغلاق خط أنابيب التصدير بين تركيا والعراق وحرائق الغابات فى كندا والاحتجاجات فى نيجيريا وتراجع مستويات الانتاج في البرازيل بسبب أعمال الصيانة، إلا إنه لم تكن هناك زيادة ملحوظة في الأسعار أو انخفاض ملحوظ في المخزونات، وفقًا لما ذكرته وكالة الطاقة الدولية.
جي بي مورجان يُخفض توقعاته لأسعار النفط إلى 81 دولار للبرميل لعام 2023
خفض جي بي مورجان توقعاته لأسعار النفط لهذا العام وعام 2024 حيث يرى أن نمو المعروض العالمى يعوض الارتفاع القياسي فى معدلات الطلب، وقد عدل البنك توقعاته لمتوسط سعر برنت لعام 2023 إلى 81 دولار للبرميل من 90 دولار التي توقعها في وقت سابق، ولخام غرب تكساس الوسيط (WTI) إلى 76 دولار للبرميل من 84 دولار سابقًا، كما خفض جي بي مورجان توقعاته للأسعار لعام 2024 لبرنت إلى 83 دولار للبرميل من 98 دولار، ولخام غرب تكساس الوسيط إلى 79 دولار للبرميل من 94 دولار سابقًا.
كما يتوقع جى بى مورجان نمو المعروض النفطى العالمى بنحو 2.2 مليون برميل يوميا خلال 2023 متخطيًا معدلات الطلب المتوقعة البالغة 1.6 مليون برميل يوميا، وأضاف البنك في تقريره “لقد أصبح واضحًا بشكل متزايد أن ارتفاع أسعار النفط خلال العامين الماضيين فعلت ما يفترض أن تقوم بفعله وهو تحفيز مستويات العرض”، وقال أن استهلاك العالم من النفط قد يسجل رقم قياسي هذا العام بنحو 101.4 مليون برميل يوميا، بقيادة طلب غير مسبوق من الصين والهند، يقود المنتجون الأمريكيون زيادة المعروض، مع مواكبة الإمدادات من خارج أوبك للطلب العالمي منذ 2022 وترك أوبك بلس لخفض الإنتاج، وفقًا للبنك.
في حين أن التوقعات في نوفمبر 2022 شهدت نجاح تحالف أوبك في موازنة أسواق النفط، إلا أن المحللين في جي بي مورجان لم يعدوا يعتقدون أن هذا هو الحال، وقال جي بي مورجان “حتى مع تمديد التخفيضات الطوعية الحالية لأوبك البالغة 1.16 مليون برميل يوميا حتى العام القادم، ما زلنا نتوقع فائضا قدره 0.4 مليون برميل يوميا في العام المقبل”.
في وقت سابق من شهر يونيو أعلنت المملكة العربية السعودية في اجتماع أوبك بلس في فيينا أنها ستجري خفضًا كبيرًا في إنتاجها في يوليو، إلى جانب اتفاق أوسع للحد من الإمدادات حتى عام 2024 حيث تسعى المجموعة لتعزيز أسعار النفط المتراجعة.
وعلى الرغم من التوقعات بأن الطلب على النفط سوف يفوق العرض في الأشهر المقبلة، ارتفعت شحنات النفط الروسية في آسيا في مواجهة التوقعات بأن العقوبات الغربية ستحد منها.
قال “فاتح بيرول” المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية (IEA): “هناك العديد من الشكوك عندما يتعلق الأمر بأسواق النفط، وإذا كان علي اختيار أهمها فهي الصين”.
وأضاف بيرول: “في حال ضعف الاقتصاد الصينى أو نموه بأقل بكثير مما تعتقده العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى معنويات هبوطية في السوق”.