الليرة التركية عند 26.34 بين تحديات الاقتصاد والسقوط المستمر

تعتبر الليرة التركية من أهم العملات النقدية في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها تعاني من تقلبات اقتصادية قوية حالياً. ومؤخراً سجلت الليرة التركية رقمًا قياسيًا أمام الدولار الأمريكي عندما وصلت قيمتها إلى 26.93 ليرة للدولار الواحد، وهذا الانخفاض الحاد في قيمة الليرة التركية يعكس التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه تركيا في الوقت الراهن.

أسباب وتداعيات انهيار الليرة التركية:

في بداية تعاملات اليوم كانت قيمة الليرة التركية تبلغ 26.34 مقابل الدولار الأمريكي و29.66 مقابل اليورو. ثم ما لبثت أن شهدت تدهورًا حادًا خلال الساعات الأخيرة حيث انخفضت قيمتها بشكل غير مسبوق إلى 26.93 مقابل الدولار وتجاوز اليورو عتبة الـ 30 ليرة. ويُعزى هذا التدهور الكبير في قيمة الليرة التركية إلى عدة عوامل تتنوع بين الداخلية والخارجية.

ففي الوقت الراهن تعيش تركيا ضغوطًا اقتصادية متزايدة ترتبط بعدة عوامل من بينها العجز التجاري والتضخم المرتفع. ويُعد تفاقم العجز التجاري أحد أسباب تدهور الليرة حيث أدت زيادة واردات البلاد عن صادراتها إلى تباطؤ تدفق العملة الأجنبية إلى البلاد. بالإضافة إلى ذلك يعتبر التضخم المرتفع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد التركي ويؤدي إلى خفض قوة الشراء للمواطنين.

وتشمل بعض العوامل الخارجية التي تؤثر على قيمة العملة التركية النزاعات الجيوسياسية والتوترات الاقتصادية العالمية. فيعمل هذا التداخل العالمي على زيادة عدم الاستقرار في الأسواق المالية ويساهم في تقلب قيم العملات.

رؤية تحليلية لتوقعات الليرة التركية في الأسواق:

تراجعت الليرة التركية أكثر من 2% مسجلة انخفاضا قياسيا جديدا مقابل الدولار خلال اليوم الثلاثاء وسط مخاوف تتعلق برفع المركزي التركي لمعدلات أسعار الفائدة خلال هذا الأسبوع بوتيرة أقل من المتوقع كما فعل البنك في آخر اجتماع له.

ووفقًا للاستطلاع الذي أجرته وكالة رويترز من المتوقع أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 500 نقطة أساس لتصل إلى 20% في اجتماعه المقبل، وهذه الخطوة تأتي في إطار تعهده بتنفيذ مزيد من التشديد النقدي لاحتواء التضخم المستمر.

فرغم أن البنك المركزي قد رفع شدد سياسته النقدية في شهر يونيو ورفع الفائدة بنسبة 650 نقطة أساس وصولاً إلى 15% فإن التحسن في توقعات التضخم لم يحدث بالقدر المأمول. وبسبب تأثير سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان التي أعطت الأولوية للنمو والاستثمارات فإن قدرة البنك المركزي على تنفيذ سياسة التشديد النقدي قد تأثرت بشكل كبير.

وتجدر الإشارة إلى أن تراجع قيمة العملة التركية بنسبة كبيرة كان نتيجة السياسة المتساهلة وانخفاض أسعار الفائدة التي تبناها أردوغان. فبحلول أكتوبر الماضي وصل التضخم السنوي في تركيا إلى 85.51% وهو أعلى مستوى منذ 24 عامًا.

لكن بعد ذلك تمكن البنك المركزي من تحقيق بعض التحسن بانخفاض معدلات التضخم إلى 38.2% في يونيو ولكن مع الزيادة المتوقعة في سعر الفائدة يمكن أن تشهد أسعار الاستهلاك ارتفاعا جديدًا. وبالتالي ربما تنخفض العملة التركية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة.

ومن الواضح أن البنك المركزي يواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق توازن بين كبح التضخم والحفاظ على استقرار الليرة. وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد التركي يمكن أن يستفيد من زيادات إضافية في سعر الفائدة ولكن الأمر يتطلب تنقيح السياسات الاقتصادية والمالية للحد من التضخم بشكل فعال وتحفيز النمو المستدام.

وفي النهاية تبقى التطورات الاقتصادية في تركيا محل متابعة دقيقة لأثرها على الليرة والاقتصاد بشكل عام. فإذا تمكن البنك المركزي من التصدي بفعالية للتضخم وتحقيق الاستقرار النقدي فإن هذه الخطوة قد تساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والأسواق في اقتصاد تركيا وبالتالي تحقيق النمو المستدام والاستقرار المالي وانتعاش الليرة التركية.

لكن على الرغم من تحسّن الوضع الاقتصادي في تركيا خلال الفترات السابقة فإن تدهور الليرة التركية إلى مستويات قياسية جديدة يعكس حالة من القلق الاقتصادي. مما يُبقي الحكومة التركية تحت ضغط كبير لمعالجة التحديات الاقتصادية والسعي إلى تحقيق الاستقرار المالي.

ولا شك أن فهم التطورات الحالية وتحليل أسباب تدهور الليرة التركية هو أمر ضروري لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتجاوز هذه الأزمة وتحقيق النمو المستدام للاقتصاد التركي.

رانيا جول الدولة : الاردن خبرة 10 سنوات في التحليل الفني والتقني لاسواق الفوركس والاسهم ولدي الخبرة لكتابة تقارير يومية لجميع الاسهم والعملات والمعادن والنفط والعملات وتغطية أهم الأخبار وأفضل التحليلات للأسواق ، بدأت العمل في شركات الوساطة من عام 2006 الى 2013 ، وانا الان اشارك اخوتي في بناء هذا العمل المتميز والصرح التعليمي الرائد التداول بسهولة وجعله من الرواد في مجال الفوركس وسوق المال و الاعمال العربية ، من أهم أدواتي بالتحليل تحليل الموجات ، تحليل حركة السوق بناء على الأخبار ، التحليل الفني والتقني وما وراء التحليل وبعض المؤشرات الفنية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.